حــــــــبـــــــال صمــــــتــيه
وأعنونُ العطرَ بـ "ليس بعد"..
منذ غزتْ وجهي رياحٌ تذروه من ذاكرتهم.. ولا تُبقي جداراً من رائحتهم أصطدم به عفواً،
وصوتُ صفيرها المكرور يُعلنُ - كل عتمة - موعدَ هجرةٍ قد فات
ليتكَ مثلي ترى..!
تلكَ وردةٌ مالتْ عن ورودٍ تقاسمنها نعسةَ البستان..
وأيقظت شوكاً توسد - مذ أينعتْ - معصمها..
تُؤنّبه.. ، تُؤلّبه.. ،
وسحابةٌ تُغني: "ليس بعد.."
* *
مُذ تَعَرَّت الصداقةُ جسدَ خيطٍ لا أسود ولا أبيض، يُشتهى قبل أن يُرى؛
أوقن ألاّ حروف تَبسُط حقائبَ المجاز لتَلُمَّ شتاتَ الحقيقة..
وأوغِلُ في الغناء: "ليس بعد"...
للحرفِ وَعْيٌ، ووِعاء..
والكتابةُ تزميلةُ مُتعبٍ، جعلَ الأحزان وسادةً، ولم يجد الغطاء..
وحرفي كوطني..
وعى ما فوقَ حاجته، فذاب في ذاكرته
* *
أتناسى كـ أتنفس..
وإمعاناً في هواءٍ لا يبْتزُّ رئتي،
أعرّج على ذاكرة الحرف.. أستبيح عتمة دهاليزها
أستمرئُ غرورَ زنابقها.. أزرعُ لها ياسمينةً... وأمضي
أغوي أرصفتها العذارى.. وأحكي لها آخر قصةٍ، وآخر صمت
أستميل نوارسَ مرساها؛ علَّها تدلني على مرابطِ الأحلام
أبحر غير مسافرٍ.. وأعود مثقلاً باكتشافي:
.."ليس أشهى من صمت طفل"..
حبالُ الحرف التي قُطِّعتْ، لم تكن للصوتِ يوماً؛
كانت - منذ خلقه - صمتية
فلم يعد يُتقن الصمت ليدوزن الأصوات!
* *
صديقي..
ما زلتُ أذكر كيف كنا نُمسك خيطنا..
كلٌّ منا له طرفٌ بيُمنى يديه،
وباليسرى يُداعب ثغرَ الحياةِ حين تبسِم، وإذا اكْفهرَّتْ كَـمَّمه!
تُرى..
أيّنا أفلتَ طَرَفَه؟
وأيّنا ابتلعتْ يدَه الحياةُ؟!...